السبت, فبراير 22, 2025

إثيوبيا تواصل اعتداءاتها على السيادة الإرترية في قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2025 في أديس أبابا

خلال قمة الاتحاد الأفريقي الجارية في أديس أبابا، حادثة مثيرة للقلق وغير مقبولة: تضمنت خريطة إثيوبيا، المعروضة في القمة، أجزاءا من أراضي سيادية إرترية. ولا يمكن اعتبار هذا الانتهاك الصارخ لسيادة إرتريا – وهي دولة مستقلة ومعترف بها بالكامل في الاتحاد الأفريقي وبحضور وفدها في الاجتماع- مجرد إغفال، ومهما حاول البعض التقليل من شأنه باعتباره خطأ مؤسفًا، لكن بالنسبة للإرتريين، فهو ليس تافها ولا عرضيا.

هذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الإنتهاكات. لذا لا يمكن اعتبارها حادثة معزولة، وإنما تعكس عقلية مزعجة ومستمرة بين بعض الدوائر الإثيوبية – بما في ذلك داخل الحكومة – التي لم تستطع بعد، ابتلاع استقلال إرتريا بالكامل. بعد مرور ما يقرب من 35 عاما على تحرير إرتريا بعد نضالات شاقة، تعمل حوادث مثل هذه كتذكير صارخ بأن بعض الجهات في إثيوبيا لا تزال تكافح للاعتراف بأن إرتريا دولة ذات سيادة، وموجودة لتبقى.
لا يتعلق الأمر بخريطة غير دقيقة فحسب؛ بل إنه جزء من نمط أعمق من إنكار التاريخ. فعلى الرغم من اتفاقية الجزائر الملزمة قانونا لعام 2000، والتي حسمت النزاع الحدودي، واتفاقية السلام لعام 2018، التي تهدف إلى تطبيع العلاقات، تواصل إثيوبيا الانخراط في أعمال رمزية وسياسية تقوض سلامة أراضي إرتريا. ومن المثير للقلق بشكل خاص، الخطاب الصاخب لإثيوبيا بشأن الاستحواذ على ميناء بحري، والذي تم تسويقه على أنه ضرورة وجودية.
إن حقيقة أن الخريطة المعنية تضمنت مناطق ساحلية إرترية تثير شكوكا جدية في أن هذا كان إغفالا بريئا. بل يشير بدلا من ذلك إلى محاولة متعمدة لتطبيع المطالبات بالأراضي الإرترية.
بصفته المؤسسة الدبلوماسية الأولى في إفريقيا، فإن الاتحاد الأفريقي لديه واجب الحفاظ على سيادة وسلامة أراضي جميع الدول الأعضاء فيه. إن إثيوبيا، التي تعمل كدولة مضيفة، لا ينبغي أن تترجم هذه الحادثة إلى نفوذ غير مبرر على شؤون الاتحاد الأفريقي، ولا ينبغي لها أن تسمح بتكرار الانتهاكات للمعايير الدبلوماسية. ويتعين على الاتحاد الأفريقي أن يضمن عدم إساءة استخدام منصته لتعزيز الروايات التعديلية أو تقويض استقلال أي من أعضائه. وإذا تُرِكَت هذه الحادثة دون تحدي، فإنها تشكل سابقة خطيرة، وتشجع على اتخاذ إجراءات مماثلة في المستقبل ــ ليس فقط ضد إرتريا، بل وأيضا ضد أي دولة تواجه مطالبات إقليمية. إن مصداقية الاتحاد الأفريقي نفسه على المحك، ولابد أن يتخذ موقفا حازما ضد مثل هذه الانتهاكات للبروتوكول الدبلوماسي.
ولا ينبغي للوفد الإرتري الذي يحضر القمة، أن يسمح لهذه الحادثة بالمرور دون أن يلاحظها أحد. وينبغي اتخاذ خطوات دبلوماسية فورية، بما في ذلك طلب توضيح رسمي من الحكومة الإثيوبية ومفوضية الاتحاد الأفريقي بشأن كيفية وقوع مثل هذا الحادث. ولابد من إصدار بيان قوي وعلني، يدعو إلى المساءلة وضمان عدم تكرار مثل هذه الإجراءات. وعلاوة على ذلك، يتعين على المسؤولين الإرتريين أن يشركوا بجدية الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأفريقي لجعلها على دراية كاملة بهذا الانتهاك والسعي إلى دعمها في إدانته. إن الصمت لن يشير إلى الضعف فحسب، بل إنه سيدعو إلى المزيد من الاستفزازات في المستقبل.
إن سيادة إرتريا ليست محل نقاش أو تفاوض أو تلاعب سياسي. وأي محاولة ــ سواء كانت صريحة أو خفية ــ لتحدي استقلالها سوف تقابل بمقاومة حازمة لا تتزعزع. وإذا كانت إثيوبيا ملتزمة حقا بالسلام والاستقرار، فلابد وأن تتخذ خطوات مسؤولة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث. وفي الوقت نفسه، لابد وأن يتعامل الاتحاد الأفريقي مع هذه المسألة بالجدية التي تستحقها، وضمان حصول جميع الدول الأعضاء على الاحترام والتقدير المستحقين.
إن كفاح إرتريا الطويل من أجل الاستقلال لم يكن سهلا وصعب المراس، لذا فإن سيادتها غير قابلة للتفاوض. وأي محاولة لتقويضها ــ سواء من خلال الخطاب السياسي أو المناورات الدبلوماسية أو الإيماءات الرمزية ــ لن تؤدي إلا إلى تعزيز عزيمة إرتريا. ولابد وأن ينتبه العالم إلى أن إرتريا لا تدافع عن حدودها فحسب، بل تؤكد أيضا على حقيقة تاريخية لا يمكن إعادة كتابتها. إن أولئك الذين يسعون إلى تحدي هذا الواقع، سوف يفعلون جيدا إذا تذكروا أن استقلال إرتريا دائم، وأن شعبها لن يقبل أبداً أي شيء أقل من الاعتراف الكامل وغير المشروط بالمكانة الشرعية لأمتهم في العالم.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

ابق على اتصال

7,384المشجعينمثل
912أتباعتابع
22,900المشتركينالاشتراك

أحدث المقالات