مدخل
صرح رئيس الوزراء أبي أحمد إثيوبيا، مؤخرًا، خلال لقاء تشاوري مع ممثلين من اقليم تيجراي ، بأنه قد أنشأ لجنة تحقيق للتأكد ما ان كانت قوات الدفاع الإريترية تحتل أراضٍ إثيوبية. ان صحت التقارير بأن إريتريا تحتل أرض إثيوبية ،قد ذكر بإنه سيعمل على حل هذه المشكلة بالتشاور مع الحكومة الإريترية.
سياسة الحكومة الإريترية في عدم رغبتها في تحتل أي أراض خارج حدودها وفق لاتفاقية الجزائر، والتي حُددت أنها أراضٍ إريترية. هنا نرى توافقًا وأرضية مشتركة بين إثيوبيا وإريتريا للوصول إلى سلام دائم. الخطوة التالية هي ترسيم الحدود وفق مختصين . مثل هذا التطور هو الفرصة الثالثة لتحقيق سلام دائم بين البلدين. فقد ضاعت الفرصة الأولى عندما رفضت الحكومة الإثيوبية بقيادة جبهة الشعبية لتحرير تيجراي (TPLF) القبول بالحكم النهائي والملزم للجنة الحدود بين إثيوبيا وإريتريا المُعلن في 13 أبريل 2002م. بعد رفضها القرار ، أحدثت جبهة الشعبية لتحرير تيجراي حالة اللا حرب ولا سلم بين إثيوبيا وإريتريا لمدة 27 عامًا. فتحت الفرصة الثانية عندما أعلنت الحكومة الإثيوبية الجديدة، بقيادة رئيس الوزراء أبي أحمد، في 5 يونيو 2018م، أنها تقبل بالكامل باتفاقية الجزائر والحكم اللاحق للجنة الحدود دون شروط مسبقة. ومع ذلك، لم يتم انسحاب الجيش الإثيوبي من المناطق المعترف بتبعيتها لدولة إريترية وترسيم الحدود بعدها. هنالك من يقول إن كلمة أبي احمد هي استمرار لاتفاقية الخامس يونيو 2018م، إلا أن الكثير من الأحداث تتابعت بينهما، وأريد تصنيف عذا التصريج كفرصة ثالثة لتحقيق سلام دائم بين إثيوبيا وإريتريا.
جذور الازمة بين البلدين
كانت مسببات الازمات الرئيسية بين إريتريا وإثيوبيا جهود الحكام المتعاقبين في إثيوبيا لرؤية إريتريا تترنح. بدلاً من محاولة تعزيز العلاقات السياسية ، الاقتصادية والثقافية بين البلدين، قامت النخبة الحاكمة في إثيوبيا بالتهديد المستمر وبطرق طبول الحرب، مما دفع بحكومة إريتريا إلى البقاء في وضع الاستعداد لمدة سبعة وعشرين عامًا. نتيجة لذلك، وتحطمت الآمال، ودُمرت الحياة، وغادر آخرون بلادهم نهائيًا، إذا احترمت إثيوبيا استقلال إريتريا وتوقفت عن طموحاتها التوسعية، وتتخلى إثيوبيا عن نهجها العدائي تجاه إريتريا، لا يوجد سبب لإريتريا لإغلاق حدودها والبقاء في حالة الاستعداد. يمكن خلق إعادة توجيه سياسات لفتح باب التعاون الاقتصادي بين البلدين. وتستفيد إثيوبيا من الموانئ الإريترية وفقًا للمعايير الدولية. بدورها يمكن لإريتريا استيراد الكهرباء من إثيوبيا، وهو ما يعوق تنميتها الاقتصادية ورفاهيتها الاجتماعية حاليًا. وأن تبدأ التجارة بين البلدين، عندها يزدهر البلدين، يمكن لمواطنين التنقل من بلد لآخر بسهولة والاستفادة من هذا التنمية والازدهار..
عندما تدرك الدول أن مصالحها الوطنية يمكن تحقيقها من خلال تعاون مشترك، ، يمكن تحقيق هذه الرابطة المشتركة فقط عندما تقوم الدول بالقضاء على العوامل التي يمكن أن تخلق الشك والقلق حول نوايا الدولة الأخرى. من جانب إريتريا، هناك فهم شائع بأن النوايا الطويلة الأمد لإثيوبيا هي إحباط استقلال إريتريا. فان قبول رئيس الوزراء أبي لاتفاق الجزائر وقراره اللاحق بشأن ترسيم الحدود هو أمر أساسي لتقليل الشكوك الإريترية بشأن النوايا السلبية لإثيوبيا تجاه إريتريا. عندما يفهم النخب الإثيوبية أن إريتريا دولة مستقلة ذات هوية سياسية ، لن يكون من الصعب على إريتريا التجاوب. عندما تنشأ الخلافات في النهج السياسي للقضايا ذات الاهتمام المشترك، يمكن حلها من خلال التشاور حول الطاولة بدلاً من البندقية. مما يجعل البلدان النهوض بمصالحهما الوطنية عن طريق التعاون عوضا من المضي قدمًا بشكل منفصل. وأن يساعد كلاهما في استخدام مواردهما لمكافحة الجوع والفقر.
تمزق القرن الأفريقي بالحروب والصراعات المتتالية مما جعله أقل الاقاليم تطورًا. تحوّل الحكومات مواردها المالية والبشرية الضئيلة للانفاق العسكري في حالة حرب وصراع. وهذا أمر واقع في إثيوبيا وإريتريا من أي بلدان أخرى في المنطقة أو خارجها. إذا كانت إريتريا وإثيوبيا يمكنهما تحويل الإنفاق العسكري لمكافحة الجوع والفقر، فإن الشعب في القرن الأفريقي يتحرر من المساعدات ويصل القدرة على إطعام نفسه ، وشرب الماء النقي، والحصول على العلاج والتعليم. مما يؤدي بشعوب أن تعيش حياة الرفاهية.
تأسيس السلام
إن الخطاب الأخير لرئيس وزراء إثيوبيا بشأن حل قضية الحدود مع إريتريا بسلام هو بارقة أمل لشعب البلدين والاقليم بشكل عام. بالنظر إلى الفرصتين المفقودتين لتأسيس سلام دائم بين البلدين، فإن التفاؤل الحذر هو النهج الصحيح. ليكون على الجانب الإيجابي، إذا قامت إثيوبيا وإريتريا بتحديد حدودهما مرة واحدة وإلى الأبد، فليس هناك سبب رئيسي آخر للبلدين لا يمكن حله. يفتح هذا الباب أمام البلدين للجلوس حول الطاولة والتحدث عن قضايا معلقة أخرى وفتح بلديهما للتجارة والاستثمار وسبل التعاون الأخرى. لماذا هذا التطور مهم؟ السلام يسود في القرن الأفريقي. حيثما يكون هناك سلام، يكون هناك تنمية اقتصادية وازدهار. لقد عرقلت الحروب المتعاقبة بين إثيوبيا وإريتريا الاستثمار وأحدثت جوعًا وحربًا وتدميرًا. في بعض المناطق من العالم، تُقاتل الحروب مرة واحدة فقط وسرعان ما تتعلم الدول من أخطائها وتعمل على خلق بيئة مواتية للسلام. للأسف، لم يحدث هذا في القرن الأفريقي. تكلفة حل المشاكل من خلال برميل البندق كلما كانت الشعوب في القرن الأفريقي غالية الثمن. وعليه، حان الوقت لحكومات القرن الأفريقي وخاصة حكومات إريتريا وإثيوبيا أن تعمل بجد لتحقيق السلام في المنطقة وتمنح شعوبها راحة من الشعور المستمر بعدم الأمان والحرب والتدمير. حان الوقت للتعلم من الدول الأوروبية حيث تُحدد الحدود بوضوح لكنها لا تخلق أي عائق للشعوب في البلدان. يعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين. النصر الأبدي لشهدائنا.
تأليف أبيل كيبدوم