مدخل
انتهجت حكومة تركيا سياسة خارجية تجاه أفريقيا عامة والصومال تميزت بخصوصية في العلاقات الامر الذي يؤكد ادراك حكومة انقرا لاهمية القارة الافريقية لخدمة مصالحها الاستراتيجية، وتسعى أن تكون اللاعب الاول في ملعب الصومال لتصبح أبرز الفاعليين في المنطقة الحيوية على مستويات الجيوسياسية، وأستراتيجيا وأقتصاديا لتجد موطئ قدم لتواجدها في القارة أمام الاطراف الدولية والاقليمية التي تتنافس في قصب السبق، لذا نحلل المصالح الاستراتيجية التركية تجاه الصومال والتي أدت لإفتتاح أكبر سفارة تركية بمقديشيو في الصومال عام 2015م لتعزيز التواجد قامت تركيا بفتح أكبر قاعدة عسكرية في الخارج بالصومال عام 2017م تحت زريعة تدريب الجيش الصومالي والمساعده في مكافحة الإرهاب المتمثل حركة الشباب الصومالية. ان النهج الإنمائي لتركيا تجاه الصومال ينعكس باستخدام القوى الناعمة ومكانتها كمانح يهب لمد يد العون، على نقيض ذلك لا تربط تركيا دعمها بشروط حقوق الانسان كبعض المانحين، فضلا عن أن تركيا تدير عدد من الموانئ البحرية والجوية الرئيسية في مقديشو، قد قامت بانشاء مطار مقديشو، الامر الذي يوفر الكثير من عائدات الحكومة الصومالية. وتولت الشركات التركية إعادة الإعمار، وشيّدت أنقرة المدارس والمستشفيات والبنية التحتية، وقدمت منحاً دراسية للدراسة في تركيا.
اتفاقية التعاون الدفاعي التركي الصومالي
لنعد قليلا للوراء لنرى الدور التركي الجديد في الصومال اولاً استضافت تركيا في عام 2010م مؤتمر الصومال الذي عقدته الأمم المتحدة في إسطنبول وبعد أن غادرت معظم فرق الإغاثة التابعة للأمم المتحدة الصومال متذرعة بالخوف من تأثير الحرب الأهلية والمجاعة، تجلت المساعدة التركية لمقديشو، حيث جندت مئات الأتراك للعمل على الإغاثة. وقام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بزيارة مقديشيو خلال 2011، في رحلة تاريخية مصطحباً فيها عائلته ومستشاريه لتفقد ضحايا المجاعة في الصومال، واعتبرت زيارة ناجحة ، أعلن خلالها أردوغان إعادة فتح سفارة تركيا في الصومال, كما جمع أكثر من 350 مليون دولار من تركيا لإعادة إعمار المستشفيات والمدارس فضلا عن إستقبال الطلاب الصوماليين في تركيا بالحصول على منح دراسية. وأعلنت منظمة إيكا التركية بدأ مشروعات بناء وتأسيس مدارس مهنية في العاصمة الصومالية مقديشو، لتدريب الطلاب الصوماليين للدخول لسوق العمل.
كما بدأت الخطوط الجوية التركية بتدشين رحلات إلى مقديشو من إسطنبول في مارس 2013، وتعد الخط الجوي الدولي الأول الذي يربطها بالعالم.
اتفق الرئيسان التركي والصومالي في 8 فبراير 2024 على التعاون الدفاعي ، واستكمال تنفيذ المشاريع التنموية التي سبق أن وقعها البلدان.
ومن جهة اخرى صادق البرلمان ومجلس الوزراء في مقديشو ، الأربعاء 21 فبراير 2024، على اتفاقية التعاون الدفاعي والاقتصادي مع تركيا،. ونقلت وكالة الأنباء الصومالية على “موقع اكس” عن الرئيس حسن شيخ محمود، قوله إن الاتفاقية تهدف إلى “بناء البحرية الصومالية وحماية الموارد البحرية”، مشدداً على أنها “ليست معادبل ستوفر تركيا التدريب والمعدات للبحرية كي تتمكن من حماية المياه الإقليمية بشكل أفضل من المهديدات “.
جاء توقيع الاتفاق في 8 فبراير 2024 بعد شهر من توقيع الحكومة الإثيوبية اتفاقاً مبدئياً مع إقليم أرض الصومال ، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدةً عسكريةً مقابل اعتراف إثيوبي بـأرض الصومال دولة مستقلة ومزايا اقتصادية أخرى. والجدير بالذكر تعد اديس ابابا العاصمة الوحيدة التي بها تمثيل دبلوماسي لحكومة اقليم ارض الصومال الذي اعلن عن استقلاله عن مقديشو في عام 1991م ولم يحظي باعتراف دولي.
ورفضت الحكومة الصومالية الاتفاق الثنائي بين حكومة اثيوبيا واقليم ارض الصومال بحسم واستدعت سفيرها لدى أديس أبابا، كما أصدر الرئيس الصومالي قراراً بإلغاء الاتفاق، متعهداً بالتصدي لأي محاولات للمساس بسيادة ووحدة الأراضي الصومالية.
وأدانت مصر وتركيا، إلى جانب دول ومنظمات دولية وإقليمية الاتفاقية.
تحدث الاستاذ سليمان حسين محلل سياسي في قضايا القرن الافريقي لموقع سيتيت عن الازمة في المنطقة قائلاً ” ان الاطماع التاريخية الاثيوبية للحصول على منفذ بحري هى المحرك الاساسي لاغلب مايمر به الاقليم من صراعات، وياتي التوقيع على مذكرة التفاهم بين الحكومة الاثيوبية وسلطة اقليم ارض الصومال بعد سلسلة من التصريحات الاستفزازية بخصوص منفذ بحري، في العام المنصرم تجاه كل من الصومال، جيبوتي، اريتريا، مما ادى لردود افعال قوية داخل وخارج الاقليم، يضيف الاستاذ سليمان ان منبعها عدم الاكتراث للقوانين والمواثيق الدولية ، فارض الصومال اقليم يخضع للسيادة الصومالية بموجب القانون الدولي، وتعد التركيا احد اهم اللاعبين في منطقة القرن الافريقي والبحر الاحمر، وهى قد اعلنت صراحة دعمها لحكومة مقديشو، بتوقيع اتفاقية التعاون والدفاع المشترك بين مقديشو وانقرا. واشار حسين الى ان وسائل الاعلام الرسمية في اديس ابابا بدات مؤخراً في تبني خريطة جديدة للقرن الافريقي تبين اقليم ارض الصومال كجمهورية مستقلة عن الدولة الصومالية.
خاتمة
تأخُذ بؤرة التوتر في ارتفاع مؤشر الازامات في القرن الأفريقي لمُنحنى مُتسارع والذي قد يؤدي الانفجار فيه الى تفتيت دول المنطقة واعادة تشكيلها بدويلات متعددة متناحرة تتجاوز اتفاق إثيوبيا وإقليم أرض الصومال من مذكرة التفاهم والتعاون العسكري، واتفاقية للتعاون الدفاعي والاقتصادي بين تركيا والصومال وكذلك التخطيط الاستراتيجي بين إريتريا والصومال، والحرب الاهلية الدائرة في السودان، وهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر كلها مؤشرات قد تشكل رسم خارطة جديدة لمنطقة القرن الافريقي.